الأربعاء 04 يونيو 2025 الموافق 08 ذو الحجة 1446

مجرد رأي…منح كل الموظفين لقب رئيس شركة

1707
المستقبل اليوم

لا شك أن الأحداث الأخيرة، بدءًا من أزمة البنزين، مرورًا باجتماع الوزير مع الإعلاميين ورؤساء الشركات، ثم أزمة أسعار أسطوانات البوتاجاز، وما أعقبها من حركة محدودة في قيادات بعض الشركات، قد أثارت حالة من الجدل والتعليقات المتباينة بين القرّاء.

فإذا استبعدنا التعليقات المتجاوزة — وإن كانت، رغم ذلك، تعبّر عن غضب لدى قطاع كبير من المتابعين يجب دراسة أسبابه بدقة — فإن هناك تعليقات عبّرت بالفعل عن ضمير حي وفهم عميق للأزمة الحالية التي يمر بها قطاع البترول.

ومن هذه التعليقات ذات الدلالة القوية، ما ورد ردًّا على ما أُثير في اجتماع الوزير من أحد الإعلاميين عن عدم وجود ترقيات لدرجة “مساعد”، وأن ذلك سبب في نقص الإنتاج، وكأن درجة “المساعد” هي الأمل الأخير لإنقاذ القطاع من عثرته، رغم أن القطاع يعجّ بعدة آلاف من هذه الدرجات.

وقد كان من أبرز التعليقات ما قاله أحد المتابعين: “لا توجد ثروة بترولية تستوعب كل هذه الوظائف التي تحظى فقط بالامتيازات، وإن كثيرًا من الشركات التي تنتج عددًا محدودًا من براميل الزيت تنفق وكأنها تنتج ربع مليون برميل يوميًا”.
ولا نجد تعليقًا أقوى من هذا، لأنه بالفعل يعبّر عن الحقيقة التي طالما أثرناها، وطالبنا بوضع حد لهذا الإسراف.

ونضيف نحن أيضًا أن منصب “المساعد” هو منصب شرفي في المقام الأول. وللأمانة التاريخية فإن المهندس طارق الملا، خلال فترة وزارته، قام بتكليف “مديرين عموم” برئاسة شركات، متجاوزًا مساعدي العمليات والاستكشاف بها، لأسباب متعددة.
واسألوا في “أوسوكو” عمّا كان يحدث بها في سنوات مضت.

إذًا، وظيفة “مساعد” ليست هي الحل السحري الذي يُشغلنا عن المشكلة الحقيقية، وهي النوع لا الكم.

فعندما نجد رئيسي شركتين من أكبر شركات الإنتاج بدرجة “مساعد”، يصطفان على الجانب الأيسر للوزير عند نزوله من الطائرة خلال زيارة للحقول، فإن لذلك دلالات سلبية، من ناحية فهمهم لإجراءات الأمن والسلامة بالوقوف وظهورهم لمحركات الطائرة، فضلًا عن مخالفتهم لبروتوكول الاستقبال الذي يقتضي أن يكون المضيف على الجانب الأيمن للضيف عند نزوله.

ربما يرى البعض أن هذه الأمور شكلية أو ثانوية، لكنها — على العكس — عنوانٌ لمستوى التعامل مع الحدث، أيًا كان.

إذًا، المشكلة أعمق بكثير من مجرد وجود درجات للمساعدين أو رؤساء الشركات. إنها منظومة تحتاج إلى تغيير شامل، يعيد الاعتبار لقيم العلم الحديث، ويتيح لأصحاب الشخصية القوية والكاريزما تولّي المناصب، بدلًا من الخوف منهم وتحييدهم.

منظومة تراعي الصدق في القول، والقدوة في الترشيد. فلا يمكن للناس أن تصدّق أو تحترم رئيس شركة يطالبهم بتوفير النفقات، بينما يرونه يوميًا يتنقّل بعدة سيارات فارهة في كل الاتجاهات.بل ويأكل خروفين على العشاء ونصف عجل يذهب للبيت.

أعطوا المشاكل الفنية والأخلاقية حقها في النقاش والطرح، ولا تُسطّحوا الأمور بجعل الترقية هي الحل الوحيد.

وإذا أسفرت المناقشات عن أن الترقية فعلًا هي المفتاح الوحيد لزيادة إنتاج البلاد، فإني أتوجّه برجاء إلى الوزير أن يمنح جميع العاملين بالقطاع لقب “رئيس مجلس إدارة”، حتى ننتهي من هذه القصة إلى الأبد. والسلام،

#سقراط




تم نسخ الرابط