الأربعاء 11 يونيو 2025 الموافق 15 ذو الحجة 1446

مجرد رأي..مد سن المعاش لخريجي الثانوية الأزهرية بين القانون والأحتياج

663
المستقبل اليوم

في ظل ما تشهده الدولة من إصلاحات إدارية وهيكلية، يُطرح مجددًا ملف سن التقاعد، وخاصة بالنسبة للفئات الحاصلة على مؤهلات متوسطة أو ثانوية، ومنها فئة حملة الثانوية الأزهرية، والذين لا يزال كثير منهم يعمل في مختلف القطاعات والهيئات الحكومية، وعلى رأسها قطاع البترول، والمرافق الخدمية، وغيرها من القطاعات الإنتاجية.

المطلب الأساسي هنا هو: مد سن المعاش القانوني لحملة الثانوية الأزهرية إلى سن 63 سنة، على غرار ما يتم مع الفئات الأخرى المشابهة في المؤهل.

فهل يُعد هذا المطلب قانونيًا؟ وهل يتفق مع العدالة الإدارية؟ الإجابة: نعم، وبكل وضوح.

قانوناً ، تنص القوانين واللوائح، وعلى رأسها قانون الخدمة المدنية رقم 81 لسنة 2016، على أن الموظف يُحال للمعاش عند بلوغه سن الستين، ما لم يكن هناك تنظيم خاص أو قواعد تسمح بمد سن العمل، أو في حالات التعاقد بعد المعاش، أو بناءً على حاجة الجهة الإدارية.

لكن اللافت في هذا السياق هو أن الدولة قررت رفع سن التقاعد تدريجيًا في بعض القطاعات والمهن، وعلى رأسها: المعلمين (وفقًا لقانون التعليم).والأطباء وأعضاء المهن الطبية. والقضاة. والعاملين في بعض القطاعات الخاصة والتنظيمات المستقلة.

كما أن مشروع قانون التأمينات الاجتماعية والمعاشات الجديد رقم 148 لسنة 2019 نصّ على رفع سن المعاش تدريجيًا ليصل إلى 65 عامًا بحلول عام 2040، بدءًا من بعض الفئات اعتبارًا من 2023.

وفي هذا السياق، فإن مد سن المعاش لحملة الثانوية الأزهرية إلى 63 سنة لا يُعد استثناءً، بل هو تصحيح لوضع قانوني قائم، خاصة أن شهادة الثانوية الأزهرية معادَلة رسميًا لشهادة الثانوية العامة، وفقًا لمكاتبات الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، وفتاوى مجلس الدولة.

إذاً لماذا حملة الثانوية الأزهرية؟لأنهم يمثلون شريحة كبيرة من العاملين في الجهاز الإداري للدولة. ولأن مؤهلهم مُعترف به ومعادَل رسميًا، ويُستخدم في التعيين والترقي تمامًا كالثانوية العامة. ولأنهم غالبًا يعملون في وظائف فنية أو تشغيلية، تتطلب خبرة تراكمية طويلة.كذلك لأن الغالبية منهم بدأوا حياتهم الوظيفية مبكرًا، ومن ثم يصلون إلى سن التقاعد ولديهم القدرة على العطاء والاستمرار.

مد سن المعاش إلى 63 سنة ، يدعم الاقتصاد والإنتاج واستمرار حملة الثانوية الأزهرية في العمل حتى سن 63 يعني الاستفادة من خبراتهم، وتقليل الحاجة إلى التعيينات الجديدة، بما يُخفف العبء عن موازنة الدولة. كما أنه العدالة الإدارية

تطبيق نفس القواعد على الحاصلين على مؤهلات متساوية هو مبدأ دستوري، وأي تمييز في سن الإحالة للمعاش بين حملة الثانوية الأزهرية والعامة يُعد انتهاكًا لهذا المبدأ.

ثم إن الجانب الإنساني والاجتماعي
فكثير من العاملين بهذه الفئة هم العائل الوحيد لأسرهم، ويعتمدون على دخلهم الوظيفي، ومد سن المعاش يعني تحقيق الاستقرار لهم ولأسرهم، في ظل أعباء المعيشة الحالية. وهذا يؤدي إلى تقليل الضغط على صناديق المعاشات ، ومد سنوات العمل يعني تأخير سن الصرف، وزيادة الاشتراكات التأمينية، ما يدعم استدامة صناديق التأمينات.

وهناك نماذج قائمة تدعم هذا التوجه، فنجد هناك بالفعل فئات حُدِّد لها سن معاش مختلف عن السن القانوني العام (60 سنة)، مثل: المعلمين: حتى 62 – 65 سنة. والقضاة: حتى 70 سنة. وأعضاء هيئات التدريس: حتى 65 سنة. والعاملين في بعض شركات القطاع العام: يتم المدّ بشكل دوري حتى 63 أو أكثر حسب الحاجة.
لذا، فإن تطبيق نفس السياسة على حملة الثانوية الأزهرية أمر طبيعي ومُنسجم مع الواقع القانوني والإداري.

وعلى الجهات المعنية وخاصة وزارة البترول والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة والنواب أن تعمل على: إصدار قرار تنظيمي أو تشريعي يُقرّ بوضوح أحقية حملة الثانوية الأزهرية في الاستمرار بالعمل حتى 63 عامًا.وكذلك تعديل اللوائح الداخلية في القطاعات ذات الطبيعة الفنية (مثل البترول والكهرباء والمياه)، للسماح بالاستفادة من هذه الخبرات دون عوائق قانونية أو إدارية. وتوحيد المعاملة بين المؤهلات المعادلة في جميع القرارات الخاصة بسِن الإحالة للمعاش أو التمديد.

مد سن المعاش لحملة الثانوية الأزهرية إلى 63 عامًا ليس تفضيلًا ولا استثناءً، بل هو تطبيق لمبدأ المساواة، واستثمار في طاقات قائمة، وتحقيق للعدالة في جهاز إداري يحتاج إلى إصلاح جذري قائم على الكفاءة، لا على مسمى المؤهل فقط. وهذا مطلب عادل ومستحق، يجب أن يُدرَس بجدية ويُقرّ بسرعة، ويتم تطبيقه وفقاً للقانون ، في ظل توجه الدولة نحو الحفاظ على الخبرات وتقليل النفقات وتحقيق العدالة الاجتماعية.

سقراط




تم نسخ الرابط