مجرد رأي…إذا كان طارق الملا كاهن المعبد فقد كنتم عُباده

لم تسجل السنوات التسع التي قضاها المهندس طارق الملا ، وزيراً للبترول ، حالة من الاعتزال والاعتراض ، إلا ثلاث حالات فقط ، الأولى عندما تقدم المهندس طارق الحديدي بإستقالته من رئاسة الهيئة العامة للبترول ، رافضاً ومعترضاً على تهميشه وسلب صلاحياته ، والرجل لم يتفوه بكلمة واحدة واحترم تقاليد القطاع، والثانية ، عندما قرر الوزير نفسه إقالة الاستاذ خالد الغزالي حرب ، من شركة فوسفات مصر ، فكتب الرجل استقالته بنفسه وترك منصبه ، ولم يصمت بل ساق وجهة نظره في كل أمراً كان يحدث على الملأ ،والثالثة للمهندس عمرو الليثي ، عندما تولى رئاسة شركة ثروة للبترول وحدثت خلافات وتدخل في الإدارة ، فترك الرجل منصبه دون حتى إبداء الأسباب حتى كتابة هذه الكلمات.وبخلاف هؤلاء ظل الجميع يعملون مع المهندس طارق الملا ، منهم كثيرون يثمنون جهود الوزير ، ومنهم من كان يعترض داخلياً وخلف الكواليس ، وهذه ثمة كل عهد وكل عصر وكل إدارة ، فلقمة العيش تعلم صاحبها الجُبن ، أحياناً ، وطارق الملا لم يكن فى مقدروه استجبان احد الا لو كانت جينات الأشخاص قابلة لذلك ، ولم يُجبر أحد على ما كان يفعل ، بل من أجبركم هو عدم شجاعتكم .
أقول هذا الكلام بمناسبة الكلام عن تجريف القطاع من القيادات ، وأعجب من أمر هؤلاء الذين صدّعونا سنوات طوال بكلامهم الرنان عن الشرف والمبادئ والنزاهة، لا يخلو مجلس من أحاديثهم عن القيم والتقوى والأمانة، ثم إذا ما فتّشت في سيرهم الذاتية وجدتهم غارقين حتى آذانهم في الامتيازات، يتغذّون على ما ليس لهم، ويعيشون رفاهية كاملة على حساب القطاع الذي يدّعون خدمته.
هؤلاء، معظمهم من تولى مناصب رفيعة في عهد المهندس طارق الملا، يخرجون علينا اليوم بعد خروجه من المنصب كالعذارى الطاهرات، يجلدون الرجل ويُحمّلونه وِزر كل ما جرى، ويتحدثون عن “تجريف القيادات” وكأنهم كانوا من المنفيين أو المقموعين في عهده، بينما الحقيقة أنهم كانوا من أبرز المستفيدين من سلطته وقراراته.
إذاً، لماذا صمتتم حينها؟ أين كانت حناجركم العالية وعباراتكم المنمقة؟ كنتم شركاء في كل شيء، في الصعود، وفي الصمت، وفي الغنائم، فلماذا لا نسمع لكم صوتًا إلا بعدما ترك الرجل المرسي؟ وإن كان طارق الملا كاهن المعبد كما تزعمون اليوم، فأنتم كنتم عبيده الأوفياء، وقرابينه المطيعة، والمتكئين على موائده وعطاياه.
عرفنا عن بعضكم أنه بنى القصور واشترى الأراضي وذهب للحج والعمرة من ميزانية القطاع، واشترى السيارات، وملأ البيوت بالنعيم من أموال ليست له، ثم اليوم يطلّ علينا بثوب الواعظ الشريف، يسبّح بحمد الشرف والأمانة كأننا لا نعرفه.
لقد اختزلتم الحق في مصالحكم، فإن استفدتم من أحد جعلتموه ملاكًا، وإن حُرمتم جعلتموه شيطانًا، لم يعد بينكم شريف وغير شريف، بل فقط مستفيد وغير مستفيد، وصدق من قال: الرذيلة الصريحة رذيلة واحدة، أما الفضيلة الكاذبة فهي رذيلتان.
#سقراط