السبت 18 أكتوبر 2025 الموافق 26 ربيع الثاني 1447

مقال الموسم: “هتفضل وحشني.. بس البنزين حايشني”

301
المستقبل اليوم

لم أكن أتصور أن جملة عابرة كتبتها منذ عدة سنوات: “إنت وحشني.. بس البنزين حايشني”، ستتحول إلى شعار أرفعه في كل مرة تجتمع فيها لجنة التسعير. في المرة الأولى كانت مجرد مُزحة ومحاولة للهروب من مرارة الدفع. وقتها كنت عازمًا على القيام بجولة إلى الصعيد لزيارة أهلي وأصدقائي وأحبتي، لكن حسابات البنزين جاءت حاجزًا وحالت دون تحقيق أحلام السفر، وأجبرتني الأسعار على الاكتفاء برسالة مقتضبة لكل من أشتاق إليه وأقول: “إنت وحشني..بس البنزين حايشني”.

اليوم وغداً والأمس وأول أمس، وكل أمس، وبعد موجة الارتفاع الجديدة في أسعار المحروقات، لم تعد العبارة مجرد دعابة ولا خفة ظل ولا نكتة، بل صارت قصيدة رثاء جماعية للملايين، خاصةً وأنا أرى مواطنين يخططون لركن سياراتهم إلى أجل غير مسمى، أو التخلي عنها نهائيًا وبيعها ، بعدما أصبحت تكلفة “تفويلها” عبئًا يفوق قدرتهم.

غير أن ما يجعل المشهد أكثر درامية، هو تلك الخطابات الرسمية التي تتحدث ليل نهار عن الترشيد والدعم وتوفير المليارات، وفي المقابل، أساطيل من السيارات المخصصة للمسؤولين وكبار القيادات، بعضهم يمتلك أربع سيارات بمحركات تصل أحيانًا إلى 3500 cc، تجوب الشوارع بلا توقف!

لذا أسأل: كيف يُطلب مني أن أضحي وأشد الحزام حتى آخره، بينما البذخ ما زال مستمراً وكأنه حق مكتسب؟ وكيف نتحدث عن الدعم، بينما يمكننا أن نوفر أضعاف ما نبحث عنه إذا تم ضبط ملف السيارات المخصصة للقيادات؟ ولا أقصد هنا قيادات البترول فقط.

المشهد لم يعد متمثلاً في المال فقط، بل أصبح اجتماعيًا أيضًا. الناس تفكر كثيرًا قبل ملء خزان السيارة، بينما الطرق والميادين تزدحم بسيارات المسؤولين، وليس المرفهين ولا الأغنياء كما يزعم متحدثو الوزراء. فأي رسالة توجهونها إلينا أيتها الحكومة؟ أن نتحمل وحدنا؟ أن ندفع ثمن كل شيء؟

لقد قلتها وأكررها اليوم: وقف البذخ هو الحل، أما نحن فسنظل نرددها، ليس لأننا ساخرون فقط، بل لأننا موجوعون أيضًا، ونبعثها لكل محبينا وأهالينا: “إنت وحشني..بس البنزين حايشني”.

#حكاوي_علام




تم نسخ الرابط