د أحمد هندي يكتب: المشرع الوظيفى وسنوات الخبرة الباطلة والضائعة ( ١ )

حرص المشرع الوظيفى على حث كل إنسان مقبل على العمل بالوظيفة العامة ، على أكتساب الخبرة والتجربة العملية قبل الالتحاق للعمل على وظيفة عامة دائمة .
ويتم تقديم شهادة الخبرة كأحد مسوغات التعيين فى مجال العمل سواء كانت الخبرة فنية ، هندسية ، معملية ، طبية ، زراعية ، قانونية ، إعلامية ، سياحية ، إحصائية ، اقتصادية ، قانونية ، تجارية ، محاسبية ، تمويلية ، إدارة أعمال ، تنمية إدارية ، أمنية .. أما الخبرة الحرفية و التى تحتاج التدريب العملى فى إحدى مجالات التشغيل والصيانة ، واستخدام الآلات والمعدات الثقيلة والخفيفة ، والحركة والنقل ، والورش الميكانيكية والكهربائية ومحطات القوى وغيرها من المهن الحرفية .
ويتطلب شغل الوظائف العامة الدائمة توافر الخبرة التخصصية أو التدريبية فى مجال العمل ، ويتم ضمها إلى ملف الخدمة الوظيفية بأعتبارها كاشفة لقدراته ومهاراته وذلك وفقا للضوابط المحددة فى القوانين واللوائح .
وخلال فترات الأضمحلال الإدارى فى نهاية الألفية الماضية لم يكن هناك أدنى التزام بأى ضوابط أو معايير لمدد الخبرة أو حدود قصوى لها ، فهناك من قام بضم سنوات خبرة تصل إلى عشرة سنوات لاتتفق وطبيعة العمل أو بموجب شهادات خبرة مزورة وحصلوا على مميزات الخبرة المالية والإدارية لأن السلطة المختصة بالضم معدومة الضمير وعدالة القانون الطبيعى .
وقد ترتب على ذلك أكتسابهم مراكز قانونية باطلة بدون وجه حق ، وظهرت مشكلة ضم سنوات الخبرة السابقة قبل الالتحاق بالوظيفة مع بداية الألفية فى ظل نظام العقود المؤقتة والتدريبية و التى امتدت لفترات طويلة ، ومن حصلوا على شهادات عليا أثناء الخدمة نتيجة نظام التعليم الجامعى المفتوح ، وطلب ضم المدد السابقة على تسوية المؤهلات العلمية للعاملين بقطاع البترول .
حددت لائحة شئون العاملين بالهيئة العامة للبترول مدد الخبرة السابقة التى يمكن ضمها للخبرة العملية للعامل ، وحدد المادة ١٦ من اللائحة الجهات التى يعتد بمدد الخبرة وهى على النحو التالي :- ١) الجهاز الإدارى للدولة ٢) المؤسسات العامة أو شركات القطاع العام أو الشركات البترولية المشتركة أو الأستثمارية أو شركات قطاع الأعمال العام أو شركات الأتفاقيات . ٣) الهيئات والشركات المصرية المساهمة والمشكلة بموجب قانون أو مرسوم أو قرار جمهورى . ٤) المهن الحرة ( الهندسية - المعملية - المحاسبية - المحاماة ) . ٥) مدد التطوع فى القوات المسلحة المصرية . ٦) المنظمات الدولية والحكومات العربية . ٧) مدد الخدمة بالقطاع الخاص بشرط الأشتراك التأمينى خلال تلك المدة . ٨) مدة الخدمة العسكرية والوطنية بشرط القدوة الحسنة . ٩) مدة الخدمة العامة وفقا للقانون المنظم لها . يحق لأى عامل طلب ضم المدد كما جاء بالنص اللائحى ، إلا أن هناك من استغل الحالات السابقة أسوء إستغلال فى ظل ضمائر معدومة ، لتضيع حقوق ويحصل من لايستحق على حقوق غيره لتتراكم التطبيقات والحالات دون ضابط أو رادع . وشهدت بداية الألفية تقدم الكثير من العاملين بطلبات ضم مدد الخبرة كأحد مسوغات التعيين الجديد ، سواء فى بداية الحياة الإدارية أو عند إعادة التعيين لأصحاب العقود المؤقتة والتدريبية والعمالة الماهرة أو تسوية المؤهلات العلمية للعاملين الذين حصلوا عليها أثناء الخدمة ، وشهدت تلك الفترة حالة من الفوضوية الإدارية ، وقرارت تعيين لا تراعى مبادئ الشفافية والنزاهة والمساواة .
تدخل المشرع الوظيفى بتعديل أحكام نظام العاملين بالدولة بموجب القانون رقم ٥ لسنة ٢٠٠٠ ، بأعادة تعيين العاملين الذين حصلوا أثناء الخدمة على مؤهلات أعلى ، بحساب نصف المدة التى قضيت بالعمل الفنى أو الإدارى قبل صدور قرار التعيين ، وذلك بحد أقصى خمس سنوات ، وهو النص التشريعى الواجب التطبيق ولا يجوز للسلطة المختصة عدم الالتزام به ، وبالتالى وضع المشرع قيد زمنى على مدة الخبرة السابقة لقرار التسوية خمس سنوات فقط و التى قضاها على الدرجة الوظيفية السابقة . ولم يكن هناك أدنى أزمة حتى اندلعت ثورة يناير ٢٠١١ ، و التى ترتب عليها تغييرات أثرت على الوظيفة العامة ومطالبة أصحاب العلاقات المؤقتة والتدريبية التثبيت بعد قضاء سنوات طوال ، والمطالبة بإعادة التعيين لمن حصلوا على مؤهل أعلى أثناء الخدمة !!!
وللحديث بقية إنشاء الله ..