الأحد 28 ديسمبر 2025 الموافق 08 رجب 1447

وهبة عيسى… الرجل الذي لن يجود الزمان بمثله

357
سامح فهمي ووهبه عيسى
سامح فهمي ووهبه عيسى

منذ أكثر من عشر سنوات خرج للمعاش الرجل الذي عُرف عنه الحزم والقوة والسيطرة على زمام الأمور، والجدعنة أيضًا؛ إنه وهبة عيسى، أبرز شخصية عُرفت في تاريخ قطاع البترول الحديث على مدار أكثر من إحدى عشر سنوات.والذي شغل منصب الأمين العام للوزارة.

لم يشهد قطاع البترول وجود هذه الشخصية بعد سامح فهمي. وحتى الآن، ولفترة طويلة عمل وهبة عيسى في ديوان عام وزارة البترول، ولأن المكان كانت له هيبته ورونقه، علا اسم وهبة عيسى وارتفع، وعرفه القاصي والداني، حتى أولئك الذين لم يحتكوا به ولم يقابلوه عرفوه. صورته ارتسمت في أذهان الكثيرين بأنه الرجل «الغول» الذي يستطيع أن ينهي أي قضية وأي مشكلة بمجرد كلمة أو مكالمة هاتفية، أو حتى قرار يصدر سريعًا.

تولى وهبة عيسى مسؤولية الملفات الشائكة في وزارة البترول في عهدٍ لا زلنا نبكي ونتباكى عليه حتى الآن، وهو مسؤول الأمانة العامة بالوزارة. ولا ينكر أحد أن وهبة عيسى نجح نجاحًا كبيرًا في إدارة هذا المنصب، لا سيما وأنه كان متصلًا بكافة الدوائر السياسية في عهد وزير لم تعرف وزارة البترول مثيلًا له منذ أن رحل عنها قبل خمسة عشر عاما مضت، «سامح فهمي».

استطاع وهبة عيسى أن يكون حائط صد لوزارة البترول ضد هجمات شرسة كان يتعرض لها القطاع، تارة من مجلسي الشعب والشورى، وتارة من الصحافة والإعلام، لكن وهبة عيسى استطاع أن تكون يده ممدودة بالسلام والوفاق دائمًا مع الجميع، فمن يدخل مكتبه لا بد وأن يخرج منه مرضيًا ومقتنعًا، حتى وإن لم تُقضَ حاجته. لهذا لم نرَ طيلة عهد وزير البترول سامح فهمي مشاكل للقطاع تُطرح تحت قبتي الشعب والشورى، ولا على صفحات الصحف، ولا على شاشات التلفاز.

وربما كانت هذه منظومة سامح فهمي، والتي وظّف فيها كثيرين، كلٌّ أُسند إليه ملف ونجح فيه ببراعة. وربما كان نصيب وهبة عيسى الملف الأكبر والأضخم، لكنه نجح فيه ببراعة، وحارب حتى رست السفينة على شاطئ 2011، لكنها سرعان ما اتخذت طريقًا آخر بربان آخرين غير وهبة عيسى، ليبدأ الرجل رحلة قصيرة في شركته الأم، والتي نُقل إليها من التعاون للبترول.ثم يخرج للمعاش في 2016

عرف وهبة عيسى أن لكل مقامٍ مقالًا، وأن لكل دولة رجالًا، وأن لكل حادث حديثًا، فختم حياته الوظيفية بلا ضجيج ولا قيل وقال. وقد تكون هذه سمات الرجال الذين يعرفون للأمور مقاديرها، وأن دوام الحال من المحال، وأن قمة الرضا هي أن تقنع بما يكتبه الله لك، حتى وإن كان أقل مما كنت عليه.

ولم يسجل أحد أو يدون أن وهبة عيسى زار مسؤولًا كان ذات يوم هو صاحب فضل عليه في مكتبه، ولا أنه طلب من وزير ما مطلبًا قد يكون صاحب حقٍ فيه، ولا أنه تسوّل منصبًا رأى أنه أحق من غيره فيه، بل جاءت شجاعته بالاستغناء عن الغير. فعاش  سنوات بسكينة وهدوء نفسي، واستراحة لمحارب أمضى عقدًا في خدمة موظفين تحولوا فيما بعد إلى قيادات كبار.

بعد خروجه للمعاش ومع هذا الهدوء ظل يراقب الموقف عن كثب، ليخرج بتجربة ربما صقلته كثيرًا، وقد يدون يومًا ما ذكريات تثري قطاع البترول، فمن عمل يومًا بجوار وزير مثل سامح فهمي يستطيع أن يروي الكثير، فما بالنا بمن عمل سنوات اختلطت فيها السياسة بالاقتصاد، واختلط فيها النفط بالغاز.

وهبة عيسى حدوتة بترولية، شخصية خالية من الروتين وبعيدة عن العيون دائماً ، لكنه يظل أيقونة القطاع الذي تعرفه الأجيال القديمة والحديثة معاً، والسلام.
#سقراط




تم نسخ الرابط