مجرد رأي..الشيمي والحديدي وأخلاق الكبار
اثلج صدري قرار المهندس محمد الشيمي وزير قطاع الأعمال ،بتعيين المهندس طارق الحديدي رئيساً غير تنفيذي للشركة القابضة للصناعات الكيماوية ، تمهيداً لأن يكون رئيساً تنفيذياً ، وقد اثلج القرار صدور كل القوم المؤمنين داخل قطاع البترول خاصة الذين يعرفون للشيمي والحديدي قدرهما .
وبعيداً عن المهندس طارق الحديدي ، فالرجل يعرفه القاصي والداني ، خدم في قطاع البترول واحتل فيه مراكز قيادية متقدمة منذ نعومة أظافره ، وكان اصغر وكيل وزارة ونائب رئيس هيئة في تاريخ قطاع البترول ، كما انه تولى رئاسة الهيئة العامة للبترول ، وعندما استشعر الحرج في العمل مع وزير البترول السابق ، تقدم بإستقالته ، فلم يستطيع الرجل أن يقتنص حقوقه التي نص عليها الدستور والقانون ، فودع القطاع بسلام ، وقد افردت حلقة في حكاوي علام للحديث عن مآثر طارق الحديدي .
لكنِ هنا أوجه التحية للمهندس محمد الشيمي ، الذي يعرف أصول وعادات وتقاليد قطاع البترول ، ويعرف للعامة منهم والخاصة قدره ومقداره ، وعندما جاءته الفرصة وسنحت الظروف ، بحث عن العناصر المميزة والواعية لتكون ساعداً للوطن في ظل هذه الظروف ، وهذه هي أخلاق رجال قطاع البترول الذين نعتز بهم ونقدرهم ونحفظ لهم صنيعهم .
محمد الشيمي أعرفه كرجل شهم ، قبل عشر سنوات من الآن تقلد المهندس الشيمي رئاسة شركة بتروجت ، ولم تكن الأحوال بيننا على ما يرام ، وظل الوضع متوتراً حتى تدخل المهندس شريف إسماعيل وزير البترول ورئيس مجلس الوزراء الاسبق وجلست الى المهندس محمد الشيمي ، طوال فترة المعركة والتي كانت آحادية الجانب ، تلثم الشيمي برداء الفروسية ، فلم ينزلق الى المعركة باستخدام اي وسيلة يملكها ، ولكنه كرجل شهم فتح ذراعيه للجميع وبمجرد اللقاء الاول بين جدران بتروجت ذاب جبل الثلج ، وكأن ما كان لم يكن ، حتى انه تحمل سخافات كان في استطاعته ان يبعد عنها ، لكن القيادة الحقة هي التي تدرك اهمية دور غيرها ، هو يؤمن أن كل مهنة لها دورها ولا يمكن الاستغناء عنها حتى لو طاله منها مالا يحب ومالا يروق له .
يدرك المهندس الشيمي أهمية الصحافة ، ودائماً ما يمنح من يكتب الف عذر وعذر اذا اخطأ فيما يكتب ، لعل الصورة الواصلة تكون منقوصة او غير مكتملة ، وهذا ما صنع صورة اكثر إشراقاً للمهندس الشيمي في نظر كل صحفيي مصر واعلامييها ، منذ ان كان رئيساً لجهاز المترو ثم صان مصر ثم بتروجت ثم جنوب الوادي ثم صان مصر بعد ذلك .
والمواقف والتجارب هي التي تمنحك الفرصة كي تقيم الرجال ، وكل المواقف اثبتت بعد هذا العمر الطويل والسنين الفائتة ان محمد الشيمي رجل كبير بمعنى الكلمة ، رجل دولة ، قيادة لها حكمة ورأي في الامور كلها ، وهذا ما لمسه كل الناس ، ربما جمهوره العريض داخل قطاع البترول هو الذي يبحث عنه في كل ركن وكل مكان ، هو بالنسبة لهم واحد منهم ، يعبر عنهم ويمثلهم وافعاله تثلج صدورهم .
لم تكن انتصاراته في وزارة قطاع الاعمال ، "وهي وزارة بها ما بها" ، الا انتصاراً لقطاع البترول بأكمله ، الكل يشاور عليه ويقول: هذا إبن قطاعنا الذي جاد به على قطاع أخر ، فأنجز فيه وحقق فيه ما لم يحققه أحد ، ثم جاء قراره بتعيين المهندس طارق الحديدي كواحد ضمن كتيبة قطاع الاعمال ، لتؤكد على ذلك المعدن الطيب للمهندس محمد الشيمي .
الحياة من الممكن أن تكون أفضل والطريق ممكن ان يكون قصيراً والانجاز سهل ان يتحقق ، كل ما هنالك ان نبحث عن اشخاص مثل المهندس محمد الشيمي ، وهم بدورهم سيجدون ألف طارق الحديدي وسعد ابو المعاطي ، ولو كانت الامور في قطاع البترول طيلة العشر سنوات الفائتة سارت بهذا الشكل الذي رسمه الشيمي ويسير عليه ، لكان القطاع في مكان أخر .