مجرد رأي…كلام خطير ..مدارس القطاع تغلق أبوابها
لا شك أن مدارس الادب والفن والعلم والعمل هي علامات بارزة للنشاط الانساني عبر التاريخ . و مدارس العمل علي وجه الخصوص عمادها الخبرة والتقنية و الكاريزما الشخصية لقادته وخبراؤه . تميز قطاع البترول تحديداً بالعديد من المدارس الفنية والادارية كان قوامها الشركات الكبري وكثير من القيادات ذات الصيت والتي كان لها تأثير كبير علي مجريات العمل وشكله وطريقته على مدي عقود طويلة بدءاً من وزرائه التاريخين ، هلال وقنديل والبنبي وفهمي وشريف اسماعيل مروراً بشركاته وقياداته .
عرفت أنظمة العمل بالقطاع مدارس لها شكل و نظام فني وتطبيقي تختلف بعضها عن الاخر فكان لدينا مدارس ذات ابعاد فنية واستراتيجية عميقه مثل جابكو و بتروبل وبدر الدين وبالطبع الشركة العامه للبترول ، وبالمثل غاز مصر وبتروجت و ويبكو . لكل مدرسة طريقتها وطبيعتها الخاصة فيما يتعلق بكل امور العمل والتخطيط ، يصطبغ بها طريقة عمل افراد هذه الشركة ونقلوها لشركات احدث عمراً .
أيضاً هناك شخصيات عتيدة كانت تمثل مدارس فكرية وعملية مستقلة بذاتها لها اتباعها ومريدها و تلاميذها في كافة انشطة الاستكشاف والعمليات والمالية والادارية .
كانت هناك نماذج مازالت اسمائهم نماذج ساطعة لن تأفل فرأينا شوقي عابدين وايهاب عوض في الاستكشاف وحسن عقل وحمدي الشناوي في العمليات وعبدالفتاح ابو زيد وماهر الشافعي وامازيس في المالية والرقابة وفاضل عثمان وهادي فهمي وابراهيم خطاب في الادارية .
هذه مجرد نماذج وهي بالطبع قليل من كثير . ولكن ما يصيبنا بالانزعاج بالفعل ان هذه المدارس والمحطات المضيئة تغلق ابوابها الواحدة تلو الاخرى . لم يتبق الكثير ومن تبقي فقد توارى عن الانظار املاً في الراحة والابتعاد عن المشاكل والشد العصبي الذي اصبح سمك العمل حالياً .
فقدان مدارس العمل التخصصية يفقد القطاع الهوية وتنعدم فيه الكاريزمية المطلوبة للقيادات ويضيع المثل الاعلى والقدوة للشباب الصاعد . ويعزي هذا في المقام الاول للفهم الخاطئ لمعنى القيادة بعد ان تحولت من الريادة والحنو والترفع عن الصغائر ونقل العلم والخبرة الى التسلط ومحاولة فرض الرأي و سحق تمدد اي موهبة و اطفائها في مهدها مع تركيبة المركزية التي اصابت القطاع واصبحت من اهم معالمه و عمقت حالة اللامبالاة والتواكل وعدم الرغبة في احداث اي تغيير . خطورة اغلاق مدارس العمل لأبوابها لن يسمح بتطبيق استراتيجيات التطور التقني والتكنولوجي التي وعدنا بها و تنتظر الدولة نتائج تلك الوعود لأن تطبيقها يحتاج الى خلق جيل جديد متفتح غير مرتعش ، تفكيره لا ينتظر دوماً ان تصدر اليه التعليمات الحرفية ليقوم على التنفيذ درأ للمسئولية عنه ، ولن تكون خطوات التنفيذ بالجمل والعبارات الانشائية او التصريحات ولكن يبدأ من العمل المكثف على اعادة بناء قواعد العمل واساسياته بشكل صحيح ومتطور و خلق الطريق العملي والاداري للنشء والقيادة المبكرة والوسطى لتسير عليه و تدرك فيه وتتعلم قيمة الابتكار والثقة في النفس واحترام الخبرات التاريخية والسماع والاطلاع دون الكلام .
ثم يأتي الدور على الجناح الاخر وهو اختيارات القيادة العليا لتأتي بالتغيير الصعب ويكون الرهان على النجاح في تلك الاختيارات هو الامل الاخير بعد ان تجمدت قواعد وافكار الكثير من شاغليها حالياً . بهذا فقط يمكن ان ننهض بالقطاع وان نبني قواعد سليمة و يمكن لمدارسه المختلفة ان تعود للوجود مرة اخرى . والسلام ،،