مجرد رأي..ولماذا لا تعود الصلاحيات لرؤوساء الشركات ؟
لا شك أن الجميع كان لديه تطلعات بعد تولي المهندس كريم بدوي حقيبة وزارة البترول ، هذه التطلعات ارتقت لدرجة منح الثقة للقيادات ورؤوساء الشركات في عودتهم لممارسة مهام منصبهم دون قيود ، لكن هذا لم يحدث ، وتحولت الآمال والطموحات لخيبات وبات الأمر بالنسبة للجميع مجرد تأدية واجب مهني يحكمه ما يتقاضونه لمسايرة حياتهم المعيشية والإنفاق على متطلباتهم، دون حافز او دافع لأن تكون هذه الممارسة مفعومة بالأمل والحماس .
منذ سنوات عدة وعمدت وزارة البترول لسحب اختصاصات القيادات ، ولم يعد في مقدور أي رئيس شركة كبيرة كانت او متوسطة او صغيرة أن يصدر قراراً بنقل سائقه او ساعي مكتبه ، ولا حتى يرسل خطاباً لزميل له في نادي رؤوساء الشركات ، يطلب منه إعارة سكرتيرة أو حامل أختام ، تسبب هذا الأمر في ترهل الإدارة ، ولولا أن الاغلبية منهم لديهم الحماس الوطني وحب القطاع لتوقفت عجلة العمل دون رجعة .
خلال عشر سنوات مضت ، انتزعت الوزارة كل السلطات ، من ترقيات وتعيينات وندب واعارات ، انتزعت كل شيء ، والوزارة نفسها التي استأمنت رؤوساء الشركات على استثمارات بالمليارات ، حولتهم لدمية ، "في الفرح منسية وفى الكره مدعية"، وهذا من الغريب والعجيب ، ان تستأمن الناس على مقدرات القطاع ثم تحجب عنهم ما حفظه لهم القانون واللوائح وحتى الدستور .
الأمر غريب بالفعل ، لأن الحجة التي كنت اظنها صحيحة باتت واهيه ، أنت تسلبهم حقهم الذي لو افترضنا جدلاً انهم ينحرفون به فلن يكلف القطاع شيء ، بينما تترك لهم الهموم والمشاكل ومواجهة الاعاصير العاتية ، وتترك لهم أيضاً الاستثمارات المليارية ، ولو افترضنا مبدأ التخوين ، فماذا يضر بالقطاع ، هل حجب الصلاحيات ام ترك الاستثمارات؟
المشكلة أن هذا النهج تسبب في مشاكل عدة ، خاصةً إذا افترضنا ان السلطة المختصة لديها من الهموم والمشاكل والمهام ما يجعلها عاجزة عن تلبية كل الاحتياجات ، وابسطها الرد على كل المراسلات التي تبعث وتصلهم من القيادات ، وهذا عطل العمل بشكل كبير لكنه غير مرئي الا للذين يمارسونه وعلى كرسي السلطة .
مثلاً: اعارة مهندس من مكان لمكان ، لأن المكان الاخر في حاجة اليه ، يظل يتداول عبر مكاتبات ومراسلات ، وتكون الصدمة في الرد"عدم الموافقة"، مع أن اهل مكه ادرى بشعابها ، والمهندس الذي ارسلوا في طلبه من القطاع وسيعمل فى القطاع ، لكن جهاز حفر ما او بريمة في حاجة اليه ، كذلك مهمة سفر لرئيس شركة وبدعوى من شركة أخرى ولن ينفق مليماً واحداً على حساب القطاع ، يأتي الرد بعد ان يكون المولد قد انفض.
الأمثلة والنماذج كثيرة ، وتشمل كافة الفئات بدءاً من السائقين وانتهاءاً بالمهندسين الذين هم عصب العملية الإنتاجية ، ومروراً بكل العناصر البشرية المطلوبة .
وقد اقترحت كما اقترح غيري ، أن تضع السلطة المختصة ضوابط وان ترسم طريقاً يسير عليه القيادات ، ومن يخالف هذه الضوابط فليضرب عنقه سيف الحجاج ، لكن أحداً لم يستمع لصوت واحد ، وكأن من ينادون بذلك هم اعداء القطاع واعداء الوطن .
اجزم ان الذي شغل الوزارة او كان يشغلها هي قضية التعيينات ، وانحراف بعض القيادات بالسلطة واساءت استخدامها ، وكان لعلاج ذلك الكثير من الحلول ، لكن لم يسمع أحد أيضاً .
والآن وقد اوقفت وزارة البترول ملف التعيينات وجمدته ، ما الذي يخيفها من عودة الصلاحيات للقيادات ، وماذا يضير الوزارة من ان تترك اللوائح هي التي تحكم ، وتراقب هي من بعيد عبر الهيئة والقوابض ولجان التفتيش ، لترى من احسن ومن اساء !!
إنه من العبث أن يظل الأمر هكذا منذ عشر سنوات ، ولا يقل أحد "وماذا سُحب من القيادات" وانهم يمارسون السلطة بكل حرية ، عذراً فأنت لست صادقاً ، لأنه من المحزن أن نرى منشوراً يقول: أصدر وزير البترول قراراً بترقية فلان لدرجة مدير عام او مدير عام مساعد ، لأنني أرى هذا لا يليق بالوزير ولا بالوزارة ولا بقطاع البترول ، هذه سلطة مطلقة للشركة ومجلس ادارتها ، ثم تأتي الهيئة والقوابض في مرحلة أخيرة إذا استدعى الأمر .
عودة الصلاحيات للقيادات ، مطلب سيساهم كثيراً في دفع عجلة الإنتاج ، وسيعمل على خلق شعور من الرضا بين الجميع ويجعلهم شركاء فى المسئولية بدلاً من انتظار الخروج الآمن من منصب انتظروها وتمنوه كثيراً ، واعتقد الوزارة فى غنى من ان يقول احد: ليس في ايدينا شيء ، وانكم تتحكمون في كل شيء ، وباتت هذه هي الشماعة التي ظُلم بها الكثير من القيادات المنجزة، وهذا لأن غيرهم تمسك بهذه الشماعة وراح يغط في نوم عميق، والسلام.