السبت 19 يوليو 2025 الموافق 24 محرم 1447

للباجوري ورمضان: حمش للذهب…منجم الفرصة الضائعة..لماذا ؟

889
المستقبل اليوم

في وقتٍ يرفع فيه قطاع البترول والثروة المعدنية شعار “مصر وجهة واعدة للاستثمار التعديني”، وتُعقد فيه المنتديات وتُروَّج الفرص، يطل منجم “حمش” كقصة مؤلمة لتجاهل الفرص القائمة فعلاً. شركة “حمش مصر لمناجم الذهب” التي بدأت نشاطها منذ عام 1999 بالشراكة بين هيئة الثروة المعدنية وعدد من المستثمرين، تمثل اليوم نموذجاً صارخاً لتعطيل الاستثمار الذاتي، لا بفعل التحديات، بل بفعل التجاهل المتعمد.

لقد تم تأسيس شركة حمش كشركة مساهمة بين الهيئة العامة للثروة المعدنية ومجموعة من المستثمرين المصريين والأجانب، وفي القلب منهم رجل الأعمال هشام الحاذق. وقد وقع اختيار المستثمرين على منطقة حمش الواقعة في الصحراء الشرقية، والتي تُعد من المناطق الغنية بالذهب، حيث تم تقدير احتياطيات تجارية واعدة.وبالفعل، بدأت الشركة أعمالها في استخلاص الذهب، واستخرجت على مدار سنوات عملها ما يزيد على 600 كيلوجرام من الذهب من هذه المنطقة.

وللأسف لم يدم الزخم طويلًا. فمع وقوع هشام الحاذق في مشاكل قانونية، وانتهاء الأمر بسجنه، ثم ظهرت براءته ، بدأت الشركة تواجه اضطرابًا إداريًا وتمويليًا كبيرًا، انتهى بطلب الشريك التنازل عن الامتياز بعد سنوات من العمل والإنتاج. لكن بدلاً من أن تبادر هيئة الثروة المعدنية إلى اتخاذ خطوات حاسمة لاسترداد الحقوق وتدوير عجلة الاستثمار عبر طرح المنطقة لمستثمرين جدد، دخل المنجم مرحلة “الموت البطيء”.

واليوم، تقف الشركة معطلة تمامًا، لا إنتاج ولا تطوير، رغم وجود بنية تحتية، ومعسكرات، وتجهيزات كاملة في الموقع. والأسوأ أن هذا التوقف يتسبب يوميًا في خسائر مباشرة للدولة من حيث الفرص الضائعة، والعائد المفقود، والتكلفة غير المستغلة، ناهيك عن العوائد الضريبية والاقتصادية التي كان يمكن أن تحققها عمليات الإنتاج المنتظم.

قبل يومين، احتضنت القاهرة منتدى مصر للتعدين 2025، بحضور وزير البترول والثروة المعدنية المهندس كريم بدوي، وكبار المستثمرين الدوليين والمحليين، في خطوة تهدف إلى دفع عجلة الاستثمار في قطاع التعدين، خاصة في ملف الذهب. لكن المفارقة المؤلمة أن هذا الحدث تجاهل تمامًا الحديث عن ملف “حمش”، رغم أنه واحد من المشاريع القليلة التي دخلت حيز الإنتاج بالفعل.

بل وصل الأمر إلى عدم توجيه الدعوة لرئيس شركة حمش الحالي لحضور فعاليات المنتدى، وكأن المشروع لا وجود له، رغم ما يملكه من إمكانيات وبنية تحتية وخبرة تشغيلية يمكن البناء عليها. الأمر الذي يطرح سؤالًا منطقيًا: لماذا ننادي بالاستثمار ونحن أول من يعطّله؟

منجم حمش لا يزال يحتفظ بفرص واعدة، ويمكن بسهولة إعادة تشغيله إذا ما تم سحب الامتياز من المستثمر المتعثر، وطرحه من جديد أمام المستثمرين الجادين، سواء من داخل مصر أو من خارجها. كذلك، يمكن أن تلعب هيئة الثروة المعدنية دورًا مباشرًا في إعادة تقييم المنطقة وفتح الباب أمام الشراكات أو حتى التشغيل من خلال إحدى الشركات الوطنية لحين تسوية أوضاع الامتياز.وارى أن الدكتور ياسر رمضان والدكتور محمد الباجوري قادران على فعل ذلك .

لكن هذا التحرك يتطلب إرادة واضحة وقرارات سريعة، لا مزيدًا من التجاهل والتغافل الذي يحوّل الفرص إلى عبء، ويصنع من منجم ذهب نقطة سوداء في سجل الاستثمار التعديني.

إذا كنا نريد فعلاً أن نصنع قصة نجاح في التعدين، فعلينا أولاً أن نُصلح بيوتنا من الداخل، وأن نعيد تشغيل ما لدينا من فرص قائمة بدلاً من الانشغال فقط بإطلاق الوعود وجذب المستثمرين الجدد. منجم “حمش” ليس مجرد قضية شركة متعثرة، بل مرآة تعكس كيف يمكن أن نخسر ثرواتنا ونحن نمتلكها، لمجرد أننا لم نحسن إدارتها.

فهل تتحرك الوزارة وهيئة الثروة المعدنية لإنقاذ ما تبقى من المنجم؟ أم ننتظر منتدى قادم… نتجاهل فيه فرصة أخرى؟والسلام

#سقراط




تم نسخ الرابط