مجرد رأي..هل يستوعب البترول دروس الكهرباء وقطاع الأعمال؟

ما أشبه الليلة بالبارحة! نظل نردد الشعارات ونطلق التصريحات عن تمكين الشباب والتغيير، ثم يفاجئنا الواقع بما يناقض هذه الوعود، فيما تبقى الأفكار والسياسات كما هي. لا تدري حقيقة الدوافع: أهي أسباب منطقية تستدعي الحذر؟ أم مجرد مرحلة انتظار لما هو قادم؟ وفي النهاية، تبدو تلك التصريحات كأنها صدى يتردد في وادٍ سحيق.
لن تنسى الذاكرة أحداث عامي 2023 و2024 بالنسبة للبترول والكهرباء، والأزمة الطاحنة التي تعرض لها القطاعان، على الرغم من أن وزيري كلا القطاعين بذلا جهودًا كبيرة طوال سنوات توليهما المسؤولية وحققا إنجازات لا يمكن إنكارها مهما كانت الانتقادات.
فالكهرباء شهدت توسعات هائلة ومشروعات عملاقة في التوليد والبنية التحتية للنقل والتوزيع، كلّفت تريليونات الجنيهات، حتى أصبح لدينا واحدة من أكبر الشبكات في إفريقيا والعالم. وكذلك البترول الذي حقق الاكتفاء الذاتي من الغاز لفترة، وبلغت صادراته نحو 8 مليارات دولار عام 2021.
لكن رغم ذلك، حدث تراجع أدخل البلاد في أزمة. اشتركا في عدة عوامل أدت إلى هذا ذلك، أبرزها:
• تراجع الإنتاج والبنية التحتية نتيجة غياب خطط التنمية والصيانة الحديثة.
• الاعتماد المفرط على المتقاعدين وكبار السن في الجهاز الإداري ومطبخ اتخاذ القرار.
•شاخ القرار وفقد مرونته، وغابت عنه الحقائق، حتى أنكر الواقع، فكانت النتيجة غير مرضية، وأصبح التغيير ضرورة لا رفاهية.
على النقيض تمامًا، نجد الصورة مختلفة في قطاع الأعمال، حيث يقف محمد الشيمي وحيدًا منذ يومه الأول مثقلاً بإرث ثقيل من تركة القطاع العام.
البنية التحتية كانت بحاجة إلى استثمارات ضخمة، وأوضاع الشركات والمصانع والعمالة لا تحتاج إلى وصف، فالجميع يعلمها. ومع ذلك، التزم الشيمي بسياسة الصمت والعمل الهادئ، فكوَّن فريقًا متماسكًا من الشباب أصحاب الخبرة والأفكار المتطورة، واستمع إليهم بتركيز وذكاء، ثم انطلق بأفكارهم لإحياء ركائز القطاع العام بشكل منظم ومدروس.
فتح أبواب: النصر للسيارات، الكيماويات، الغزل والنسيج، الأدوية، واتجه إلى أصول الوزارة التاريخية مثل ممتلكاتها في المعمورة وغيرها لتطويرها واستثمار قيمتها الهائلة بعد سنوات الإهمال.
بدأت بوادر التجديد في البنية التحتية تلوح، وظهرت نتائج العمل بشكل يثير الإعجاب. حوله شباب وطني صغير السن مفعم بالحماس، لا مستشارون متقاعدون أنهكتهم السنين. شباب يجوبون الجمهورية طولاً وعرضًا، ينقلون له تطورات العمل أولاً بأول، فيما بدأنا نسمع هدير المصانع بعد صمت طويل، ونرى خطوط الإنتاج تبعث الأمل من جديد.
كان يزور مواقع العمل أسبوعيًا وربما يوميًا، يشجع العمال ويبث فيهم روح التفاؤل بمستقبل واعد. دبت الحياة في الوزارة العتيدة بسواعد مصرية وطنية، وارتسمت الابتسامة لأول مرة منذ عقود على وجوه أبنائنا في المصانع والمواقع.
جهود جبارة قدمت لنا درسًا بالغ الوضوح: الاعتماد على قدراتنا الذاتية، والمخاطرة المدروسة، وتغيير الوجوه هي مفاتيح النجاح الحقيقية.
أخيرًا، لا بد أن نصغي إلى صوت الحياة الهادر…
إن لم نستفد من دروس الآخرين في نجاحهم وفشلهم، فالمشكلة فينا نحن، وإن لم نتعلم مما تحمله الأيام من أحداث، فلا نلومنّ إلا أنفسنا.
والسلام،