الإثنين 16 يونيو 2025 الموافق 20 ذو الحجة 1446

أسامه كمال..رائد صناعة البتروكيماويات فى مصر

296
الوزير أسامه كمال
الوزير أسامه كمال

يُعد المهندس أسامة كمال واحدًا من أبرز الأسماء التي سطّرت تاريخًا مؤثرًا في قطاع البترول المصري، ليس فقط كوزير سابق للبترول والثروة المعدنية، ولكن كأحد أعمدة تطوير صناعة البتروكيماويات في مصر، ورجل دولة حمل على عاتقه هموم الصناعة الوطنية وترك بصماته في عدة مؤسسات وشركات، ما جعله نموذجًا فريدًا للقيادة الفنية والإدارية الواعية.

وقد تخرج المهندس أسامة كمال من كلية الهندسة – جامعة القاهرة، قسم الهندسة الكيميائية، في أوائل الثمانينات، وانضم إلى قطاع البترول المصري ليبدأ رحلة طويلة من العمل الجاد والمسؤولية ، امتدت لعقود.

بدأ المهندس أسامه كمال حياته المهنية في شركة إنبي للبترول، حيث شارك مع مجموعة كبيرة من شباب المهندسين - تحت قيادة الراحل العظيم الدكتور مصطفي الرفاعي - في انتقال انبي من مرحلة المشروعات الصغيرة الي المشروعات الكبري. وعمل كمهندس مشروعات في مشروعات محورية لقطاع البترول المصري مثل مشروع تكرير أسيوط ومشروع مجمع غازات ابو سنان، ثم انتقل بعد ذلك للعمل كمدير مشروع لجميع مشروعات الغاز علي البحر المتوسط بداية من مشروع بورفؤاد البحري ووقار وشرق الدلتا وتمساح ورشيد ومحطات الإسالة، اضافة الي مشروع موبكو للتكسير الهيدروجيني، ثم انتقل إلى العمل بشركة بتروجت تحت قيادة م. مصطفي شعراوي حيث خرجت بتروجت للعمل خارج مصر في دول الخليج وليبيا والجزائر، وشهدت تلك المرحلة اعادة هيكلة الشركة في وجود عمالقة بتروجت حمدي الشايب ونهاد الجاويش وحسين النحاس ، ومنها إلى عدد من المواقع المتخصصة في صناعة البتروكيماويات التي كانت وقتها تمثل تحديًا جديدًا أمام مصر، لكن أسامه كمال كان واحدًا من القلائل الذين آمنوا بإمكانية تحويل هذه الصناعة إلى ركيزة استراتيجية في الاقتصاد الوطني.


في عام 2002، انتقل المهندس أسامة كمال الي الشركة المصرية القابضة للبتروكيماويات (إيكم)، كأحد مؤسسيها مع مجموعة متميزة من القيادات المحلية والعالمية مثل م. مصطفي شعراوي والدكتور شريف إسماعيل والدكتور صفوت بدير والمحاسب محمد صادق، اختارهم الوزير سامح فهمي ليبدأ عهدًا جديدًا من التنظيم المؤسسي والتخطيط الصناعي على نطاق واسع ، حيث أطلق الاستراتيجية القومية لصناعة البتروكيماويات، التي وضعت خطة طويلة المدى لإقامة مشروعات متكاملة تقوم على استغلال الغاز الطبيعي كمادة خام، وتعظيم القيمة المضافة منه، وهو ما ساعد بعد ذلك على تحويل مصر إلى مركز إقليمي لصناعة البتروكيماويات.

وقد شهدت فترة رئاسته لـ”إيكم” تدشين وتنفيذ عدد كبير من المشروعات الرائدة، منها:
•مجمع انتاج الألكيل بنزين الخطي بالإسكندرية
. مجمعات الإيثيلين والبولي إيثيلين.
•مشروعات البروبلين والبولي بروبلين.
. مشروعات البولي استر
. توسعة شركة موبكو بإضافة خطين لإنتاج الأسمدة الذكية
. مجمع انتاج الميثانول بدمياط
•تعزيز الشراكة مع المستثمرين المحليين والدوليين لتأسيس مشروعات جديدة.
•دعم التصنيع المحلي للكيماويات الوسيطة وتقليل الاعتماد على الاستيراد.


في أغسطس 2012، تم تعيين المهندس أسامة كمال وزيرًا للبترول والثروة المعدنية في حكومة الدكتور هشام قنديل. ورغم قصر مدة توليه الوزارة (حتى يوليو 2013)، إلا أن تلك الفترة كانت حافلة بالتحديات والإنجازات، حيث كانت البلاد تمر بأزمة سياسية واقتصادية معقدة، وكان قطاع البترول على رأس الملفات الساخنة. لكن سياسته لم تعجب جماعة الإخوان ، فتم تغييره .

أبرز إنجازاته كوزير:

•الحفاظ علي استقلالية قطاع البترول واستمرار خدماته تحت ظروف وتدخلات صعبة جدا.
. وضع تصور لإعادة هيكلة قطاع البترول والثروة المعدنية وإعداد مشروع تعديل قانون الثروة المعدنية
. اعداد مشروع تنمية المثلث الذهبي
. إدارة ملف دعم الطاقة بشكل متوازن دون التأثير على محدودي الدخل.
•وضع اللبنات الأولى لخطة ترشيد الدعم التي تم تنفيذها لاحقًا.
•تعزيز العلاقة مع الشركاء الأجانب لضمان استمرارية الإنتاج رغم التحديات.
•دفع عجلة الاستثمار في مناطق الامتياز الجديدة، وخاصة في البحر المتوسط وترسيم الحدود، وانقاذ مناقصة حقل ظهر وترسيتها.


لم يتوقف المهندس أسامة كمال بعد خروجه من المنصب الوزاري، بل واصل دوره الوطني في مجالات الطاقة، وخبير معتمد في التخطيط الاستراتيجي للصناعات الكيماوية والبتروكيماوية. وشغل عضوية ورئاسة عدد من اللجان الفنية والاقتصادية، وساهم في تقديم الرؤى الإصلاحية لعدة مؤسسات وهيئات حكومية وخاصة.

ومن أبرز إسهاماته:

•تقديم دراسات متخصصة حول تطوير المجمعات الصناعية.
•عضوية عدد من مجالس إدارة الشركات الكبرى في قطاعات الطاقة والصناعة.
. رئاسة جمعية المهندسين المصرية
. رئاسة مجلس بحوث البترول والثروة المعدنية بأكاديمية البحث العلمي
. رئاسة لجنة التنمية المستدامة بنقابة المهندسين المصرية
•المشاركة في ندوات وفعاليات محلية ودولية كمحاضر وخبير في الطاقة المستدامة والاقتصاد الكلي للطاقة.
. عضوية مجالس بعض البنوك المصرية والمؤسسات الاقتصادية العربية العاملة في مصر والخليج العربي.
. الإشراف علي العديد من رسائل الماجيستير والدكتوراه بأكاديمية ناصر العسكرية العليا
•الكتابة وتقديم الرؤى والمشاركة الإعلامية في مناقشة سياسات الطاقة .

يتمتع المهندس أسامة كمال بسمعة مهنية طيبة، وعلاقات واسعة مع قيادات قطاع البترول. يُعرف عنه الجمع بين الهدوء والصرامة، وحرصه على تطوير الكفاءات الشابة ودعم المواهب الهندسية والإدارية. وقد كان ولا يزال من الأصوات القليلة التي تمزج بين المهنية الفنية والرؤية الاقتصادية، وهو ما جعله محل احترام وتقدير من مختلف أطراف القطاع.

اليوم، وبعد أكثر من أربعة عقود من العمل في قلب قطاع البترول، يُنظر إلى المهندس أسامة كمال باعتباره أحد عرابي البتروكيماويات في مصر، ورجل دولة ساهم في تأسيس منظومات فكرية وصناعية لا تزال تحقق نتائجها حتى الآن.

إرث أسامه كمال المهني والفكري لا يقف عند حدود منصب أو مرحلة، بل يمتد إلى أجيال من المهندسين والخبراء الذين عملوا معه أو تتلمذوا على يديه، مما يجعله نموذجًا يُحتذى به في الجمع بين الرؤية، والخبرة، والإنجاز.

المستقبل البترولي




تم نسخ الرابط